الانتحار يمسُّنا جميعًا

كان ذلك في الأسبوع الأول من أبريل عام 1996 حين تلقيت اتصالًا من والدتي. أخبرتني أن جاري القديم وصديق طفولتي، إريك، قد أنهى حياته. لم أكن قد رأيته أو تحدثت إليه منذ سنوات، بعدما التحق كل منا بجامعة مختلفة. ومع ذلك، لم يُخفف هذا البعد من وقع الخبر. كان الشعور بالخَدَر الذي اجتاحني غريبًا ومربكًا، لم أعرف له مثيلًا من قبل. فعندما تكون في العشرين من عمرك، لا يخطر ببالك أن أصدقاءك قد يرحلون. كانت أول فكرة راودتني: "لماذا؟" وهو سؤال لا يملك إجابته سوى إريك نفسه. ثم تلاه سؤال آخر: "كيف؟" وقد ردّت والدتي، لكن بكثير من الغموض. كنت في حالة صدمة تامة.
تحوّلت أفكاري إلى عائلته. كنت أدرك أنهم لا بدّ يعانون ألمًا هائلًا جراء هذه الخسارة. ولم أستطع التوقف عن التفكير في والديه، وبشكل خاص في شقيقه الأصغر براين، الذي كان لا يزال في المدرسة الثانوية، وأصبح الآن بلا شقيقه الأكبر. وعاد السؤال "لماذا؟" ليشغل ذهني من جديد.
وحتى اليوم، لم أتلقَّ إجابة واضحة عن هذا السؤال. صحيح أن إريك ترك رسائل لكل فرد من أفراد عائلته، لكنني لم أجرؤ يومًا على سؤالهم عن محتواها. كان ذلك احترامًا لحزنهم وخصوصية تلك الكلمات، وربما أيضًا خشية أن أفتح من جديد الجرح الذي خلّفه رحيله. كصديق تُرك بلا إجابات، ما زلت عالقًا في هذا التساؤل.
لست الوحيد الذي يمر بهذا الموقف. كثيرون فقدوا أشخاصًا مقرّبين بسبب الانتحار، ويظلون عالقين في دوامة من الأسئلة، يتصدّرها سؤال "لماذا؟". وغالبًا ما تبرز تساؤلات أخرى مؤلمة، مثل: "هل كان بوسعي أن أفعل شيئًا لمنعه؟" سؤال يحمل في طيّاته الكثير من الألم واللوم، لا سيّما عندما لا تكون هناك علامات واضحة تسبق الفاجعة. كيف للمرء أن يتعامل مع الانتحار، خصوصًا إذا شعر بأنه ربما كان قادرًا على منعه؟
مساندة الآخرين لتجاوز فقدان شخص بسبب الانتحار ليس بالأمر السهل. لكن لمن أثقلهم وجع الأسئلة المتعلقة بالانتحار التي لا إجابة لها، هناك اليوم أمل، ومصادر دعم متاحة من خلال المجتمع. في شهر سبتمبر من كل عام، يُصادف اليوم العالمي للوقاية من الانتحار، والذي يندرج ضمن فعاليات الأسبوع الوطني للوقاية من الانتحار في الولايات المتحدة. وتهدف هذه الحملة إلى توعية العاملين في القطاع الصحي والجمهور العام بكيفية الوقاية من الانتحار، والتعرّف على علاماته التحذيرية. كما تُقام فعاليات مسيرات خارج دائرة الظلام في مئات المناطق عبر البلاد، حيث يشارك فيها المتضررون والداعمون لهم.
أُطلقت هذه المسيرات في عام 2004 من قبل المؤسسة الأمريكية للوقاية من الانتحار (AFSP) بهدف تعزيز الوعي وتوفير التمويل اللازم، مع إيصال رسالة واضحة بأن الانتحار يمكن منعه، وأن لا أحد يجب أن يواجه معاناته وحده. وفي هذه الفعاليات، يشارك العديد من الأفراد بشجاعة قصصهم المرتبطة بالانتحار، ويُمنح الحضور مساحة لبناء ثقافة أكثر وعيًا بالصحة العقلية. يسير الأصدقاء والعائلات والجيران وزملاء العمل معًا، دعمًا لبعضهم البعض، وإحياءً لذكرى من فقدوهم. وكل دولار يتم جمعه من خلال هذه المسيرات يتيح للمؤسسة الأمريكية للوقاية من الانتحار (AFSP) الاستثمار في أبحاث تنقذ الأرواح، وبرامج تعليمية، وجهود مناصَرة، وخدمات دعم موجهة للأشخاص المتأثرين بالانتحار.
في سبتمبر 2019، شاركت لأول مرة في فعالية "مسيرة خارج دائرة الظلام". كانت زميلة لي في CareOregon قد نظّمت فريقًا لرفع الوعي بأهمية الوقاية من الانتحار، ودعتني للانضمام (انظر الصورة أعلاه). كانت قد فقدت مؤخرًا صديقة مقرّبة بسبب الانتحار. ورغم أن خسارتها وقعت مؤخرًا، مقارنةً بـ23 عامًا مرّت على وفاة إريك، لكنها كانت مفجعة بالقدر نفسه؛ فكل انتحار يترك أثرًا لا يُمحى. ونظرًا لمرور وقت طويل على وفاة إريك، قررت التواصل مع براين ودعوته للانضمام إلينا. وقد لبى الدعوة، وسرنا معًا تكريمًا لذكرى إريك. كانت تجربة مميزة ومريحة نفسيًا لكلينا، واتفقنا أن أفضل ما فيها هو أننا ساهمنا في دعم قضية قد تنقذ حياة شخص آخر يمر بأزمة. مشينا حتى لا يضطر أحد يومًا إلى قراءة رسالة وداع كتلك التي تلقاها براين.
تفخر CareOregon برعايتها لفعالية "مسيرة خارج دائرة الظلام" لهذا العام، التي ستُقام يوم السبت 1 أكتوبر 2022. واحتفاءً بهذه المناسبة، وبالإضافة إلى المسيرات الميدانية، أطلقت المؤسسة الأمريكية للوقاية من الانتحار (AFSP) مقطع فيديو يُبرز الجهود المبذولة في ولاية أوريغون، ويُكرّم من رحلوا، ويحتضن من لا يزال يصارع، ويُشعل شمعة الأمل. للحصول على مزيد من المعلومات حول المسيرة وللتسجيل، يرجى الضغط هنا.
إذا كنت من أعضاء CareOregon وتُواجه أزمة صحية عقلية، أو لا تدري كيف تتعامل مع شخص يُظهر مؤشرات انتحارية، فتذكر: لست وحدك. يرجى الاتصال بأحد الأرقام المحلية التالية للتحدث مع من يريد الاستماع إليك:
- في مقاطعة كلاكاماس: 503-655-8585
- في مقاطعة مولتنوماه: 503-988-4888
- في مقاطعة واشنطن: 503-291-9111
أو يمكنك الاتصال بالخط الوطني للوقاية من الانتحار على الرقم 1-800-273 - TALK (8255) أو التواصل عبر الرسائل النصية مع Crisis Text Line بإرسال كلمة TALK إلى الرقم 741741.
المصادر:
https://supporting.afsp.org/index.cfm?fuseaction=cms.page&id=1924